- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك تداعبنا, قال: ( نعم غير أني لا أقول إلا حقا ).
- فالممازحة والمداعبة بين الأصدقاء والزملاء أمر لا حرج فيه, بل قد يكون سببا لتقريب النفوس وائتلاف القلوب, وزيادة الترابط والمعرفة, وربما رفع الكلفة وإزالة الحواجز الجليدية بين الأصدقاء.
- وقد كان صحابة رسول الله يتمازحون فيما بينهم ويغمزون بالقول الطريف بعضهم بعضا, ويكني ويلقب أحدهم الآخر بالكنى والألقاب اللطيفة, بل يتصارعون ويتطارحون ويترامون بما في أيديهم على بعضهم بعضا, كما ورد عن تراميهم بالبطيخ وتراشقهم بالماء.
- والممازحة والملاطفة والترويح عن النفس بالطرف والمسامرة بالحديث أمر يحقق للنفس الاسترخاء, ويجلو عنها الكآبة ويزيل الجمود والكسل وربما أدخل عليها السرور والنشاط الداعي إلى العمل والإنتاج واستغلال الأوقات, وإنجاز المهام بروح عالية وهمم متقدة.
- إلا أن ما يخشى منه على الخيرين والمصلحين المغالاة في الممازحة والإفراط في ذكر الطرف حتى تتحول مجالسهم إلى نواد للفكاهة يقضي المرء جل وقته مستمعا لطرفة بعد أخرى دونما فائدة مرجوة, فيذهب بذلك وقار الصالحين وسمت المصلحين.
- ويؤلم أيضا أن تكون مدارات الحديث حول سفاسف الأمور ومحقراتها من متاع الدنيا وزينتها, فيظن الرائي أن لا هم لهؤلاء إلا هذه القضايا ولا غاية لهم إلا تحقيقها, وليس ذلك فحسب بل يتجاوز الأمر أحيانا حدا يخشى على المتحدثين أن يقعوا في الويل الذي توعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب, قال
ويل له.. ويل له ) .